فاطمة عياد: لأن ذلك يدفعهم إلى ارتكاب المحرمات حين يكبرون
دعت د. فاطمة عياد, استاذة قسم علم النفس في جامعة الكويت الى تنمية ثقة الطفل بنفسه, وبالعالم المحيط به لكي يصبح ذا شخصية قوية فاعلة.
وانتقدت د. فاطمة في حوارها مع »السياسة« اسلوب العنف الذي يرتكبه بعض الاباء امام اطفالهم, مؤكدة ان ذلك يؤثر سلباً في شخصية الطفل, ويدفعه الى ارتكاب المحرمات حين يكبر.
وشددت العياد على اهمية مكافأة الطفل, حين ينجز عملاً جيداً, والمداومة على ذلك, اضافة الى التعبير عن الحب والاهتمام بالطفل, وان نعلمه كيف يحب اخاه الصغير ونشركه في تربيته وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
هل صحيح ان المشكلات النفسية التي يمر بها الراشدون احدى نتائج التربية في مرحلة الطفولة?
هي نتيجة لاساليب التربية التي خضع لها هذا الطفل, لكن هذه المقولة لا تنطبق مئة في المئة على كل الشخصيات, وقد يمر الانسان باحداث تؤثر على سلوكياته, وقد يتغير.
ومن المؤكد ان جزءاً كبيراً من بناء الشخصية يقوم على ثقة الانسان بنفسه وثقته بالعالم المحيط به, وهذه الامور تتأثر الى حد كبير بتربيته, اضافة الى ارتباطه بوالديه, وخصوصا والدته في الخمس سنوات الاولى من عمره.
وهناك دراسات اجريت على الذين يعتدون على زوجاتهم لفظاً او ضرباً, وتبين ان هؤلاء قد رأوا العنف في حياتهم, حيت كان اباؤهم معنفين, وهناك دراسات اثبتت ان الادمان يرتفع عند ابناء المدمنين او الذين يشربون الخمر, وهنا لا يمكن ان نقول ان هذه المسألة كانت نتيجة للوراثة بينما نقول ان هؤلاء الابناء قد ترعرعوا على المخدر, او اب غائب في السجن او اسرة تعرضت للطلاق والانفصال بسبب المخدر, او اب هارب من المنزل بسبب المخدر, وقد تكون احتوت ذاكرته على مشاهد لابيه وهو عائد الى المنزل بحالة سكر, ولا يحمل معه متاعاً بل يسلب مصروف الابناء في سبيل شراء المادة التي يتعاطاها ومنها نتجت الاعتداءات بين المحارم.
كيف نعطيه دافعاً لتكون عنده ثقة بالنفس ليعيش حياة متزنة طبيعية?
لا يطلب من الطفل ما لا طاقة له به, لانه بهذه الطريقة يشعر أنه أقل من الطبيعي, فلا بد من مراعاة تطور مرحلته العمرية, ويمكن ذكر مثال بسيط وهو تعليمه الدخول للحمام ابتداء من بلوغه السنتين وليس قبل ذلك, ولا يجب ان نقارن الطفل بغيره كي لا نولد عنده »الغيرة« والكراهية والمنافسة غير اللطيفة, فيشعر بالدونية وانه اقل مما يجب ان يكون عليه, كما يجب ان نلاحظ ان هناك نمواً عقلياً ونضجاً فسيولوجياً ونفسياً فهذا الطفل لم يصل الى مرحلة النمو النفسي والفسيولوجي والادراكي, فلا يمكن ان نعلمه شيئا ما دون مراعاة هذا التطور الطبيعي, وهناك التعبير عن الحب, فنحن لا نعرف كيف نعبر عن الحب, فالعناق امر مهم, كذلك عدم سفر احد الوالدين وترك الطفل الا للضرورة, اي الا نبتعد عنه وخصوصا الام, وان كان الامر اضطرارياً يجب ابلاغه بالسفر وتأكيد العودة اليه مرة اخرى, وان كان بالامكان من الافضل ان يسافر برفقتهما.
الغيرة
متى تكون الغيرة صحية?
الغيرة شعور طبيعي للطفل, فهو يغادر من شخص اخر يهدد مكانته عند الام فعندما يأتي طفل اصغر منه يهدد مكانته فهي اشبه بطريقة ما للدفاع عن النفس, ومن الاخطاء اننا نفرض حب هذه الاخ الجديد عليه, نعم هو سيحبه لكن عندما يدرك ذلك.
ما العلاج الملائم في هذه المسألة?
ان نشرك الطفل في تربية اخيه الجديد.
كيف?
ندعوه لاطعام هذا الطفل او تغيير ملابسه ثم ايضاح ان هذه المرحلة قد مر بها هو ايضا.
ماذا عن ادخال اسلوب الثواب والعقاب في التربية السليمة?
المكافأة يفضل ان تكون لفظية, وليس بالضرورة مادية, ومنها يمكن تصحيح بعض مفردات وتعديلها فاذا اخطأ في كلمة ما اشجعه مع تعديل لفظ تلك الكلمة, ويكافأ الطفل لعمل صحيح قام به, فالمكافأة تفيد التكرار للسلوك السليم وتكون مناسبة للعمل, ولا يتم تأجيلها, ولابد ان يعرف لماذا تمت مكافأته, اما العقاب فيكون باستخدام العقاب السلبي وهو ان يتم سحب تلك المكافأة, كما يجب اخباره بأن ذلك جراء عمل سلوك خاطئ, مع وعده ان لم يكرره ستعود اليه المكافأة, ويجب الاستمرارية وعدم التهاون في الامر لان الطفل سيتساءل لماذا تمت معاقبتي اليوم? وبالامس ارتكبت الخطأ نفسه ولم تتم معاقبتي.
هل عقاب الضرب مفيد في كل الحالات?
هو غير مفيد, وهناك التوبيخ والتلفظ بألفاظ غير سوية, وهذه الامور قد تولد طفلاً عنيداً وبالتالي نقول ان هذا الاسلوب لا يجدي نفعاً, اضف اليه انه قد يخاف الطفل من اهله ما يؤدي الى هروبه من المنزل, او قد يكون مجموعة اصدقاء وقد يكونون اقرب له من ذويه ما يؤدي الى تدعيم السلوك الخطأ.
ما الاسلوب الصحيح في تعزيز السلوكيات الصحيحة في مقابل تصحيح الخطأ وتلافيه?
يجب الا نعزز السلوك الخطأ بالاهتمام به بصورة كبيرة, بل معالجته مع الاهتمام ببقية الامور وتعزيز السلوك الصحيح عند الطفل.
المراهقة
عندما ينتقل هذا الطفل من مرحلة الطفولة الى المراهقة فكيف يتم تعزيز الثقة بالنفس عنده?
يجب عدم انتقاد الشكل الخارجي له, ويتطلب منحه جزءاً من الحرية, فيختار ما يناسب ذوقه, والاهم الا تكون هناك انحرافات جنسية, او تعاط للمخدرات, فكل ما يصدر من المراهقين امر طبيعي.
وكيف نتعامل معهم?
يجب مصاحبتهم والتقرب منهم, فكثير من الاهالي يقولون تربينا على الشدة وليس على التساهل, وهنا ارى ان ما كان في السابق قد كان, ونحن الآن في عصر مختلف فهناك وسائل الانترنت والفضائيات والتي بحد ذاتها تعد مربياً اخر للابناء, اضافة الى المدارس الاجنبية واختلاطهم بثقافات جديدة, اذ لابد من مراعاة كل الظروف المحيطة بهم, ولا يمكن ان نفصلهم عن هذا العالم.